لقد بين ألكسندر كوجيف A. Kojève كيف كان هيغل يحدد العلاقة بين الأنا والغير في إطار "جدلية السيد والعبد". وذلك لما أكد أن الطبيعة البشرية في أصلها تدفع إلى صراع حتى الموت. وبما أن هذا الصراع يهدد الوجود الإنساني لكونه يقود حتما إلى انقراض النوع البشري، ينكشف نوع من الوعي بالذات الذي يقود مبدئيا إلى أن يدرك الإنسان نفسه كموجود لذاته. وذلك ما يحتم على الفرد أن ينتزع اعتراف الآخر. هكذا تدخل كل من الأنا والغير في صراع إلى أن يكون أحد الطرفين منتصرا والآخر منهزما، فيبقي المنتصر على حياة المنهزم لينتزع اعترافه، وذلك بتحويله إلى وسيط بينه وبين الطبيعة، ويفضل المنهزم أن يظل في خدمة المنتصر بدل الموت. فالانتصار، إذن، يحول أحدهما إلى سيد والهزيمة تحول الآخر إلى عبد. ذلك ما يسمح بظهور شكلين من الوعي، أحدهما وعي مستقل والآخر وعي تابع.
إذا كان التصور السابق يتمثل العلاقة بين الأنا والغير على أنها علاقة صراع ؛ فإن الفيلسوف الوضعي أوغست كونت A. Comte يرى، أن على الفرد أن يحس بأنه مدين للإنسانية بكل ما يملك من مواهب، وقدرات مادية ومعنوية. فالإنسان يتشكل وينمو ويتكون في ظل الحماية التي يوفرها له الآخرون كما أن خيرات كثيرة وصلته من أناس لن يتمكن أبدا من التعرف عليهم. إن وصول الإنسان إلى الحالة الوضعية التي تمثل حالة نضج العقل البشري، وبالتالي الحالة التي يتم فيها الاحتكام أساسا إلى العلم، تحتاج إذن إلى نوع جديد من القيم الأخلاقية، قيم قابلة للاختزال في الغيرية وذلك غير متاح إلا بتجاوز الأهواء الشخصية والأنانية. هكذا، يتوجب على كل واحد أن يدرك أن عليه أن يحيى من أجل الغير. فالحياة البشرية لن تستمر إلا أدرك أفراد المجتمع ضرورة مساعدة بعضهم البعض، وأن استمرارهم يتعلق بما يفعل بعضهم لبعض.
وفي العصر الراهن، نجد أفكارا تحاول أن تقف ضد أشكال الإقصاء والتهميش، وذلك ما يمكن أن نلمسه عند جوليا كريسيفا J. Kristeva لما توقفت عند المعنى الحقوقي للغريب، واعتبرته معنى سطحيا. إن هذا المعنى يسلب حق المواطنة وحق الانتماء من الدخيل على المجتمع، ويمكن الجماعة أن تنسب إليه جميع الشرور التي تحدث. إن من شأن هذا المعنى أن يدخل بعض السكينة على الأفراد لكنه لا يفضح بما فيه الكفاية طبيعة الجماعة فيظهرها في صورة مجتمع يعمل على إقصاء الغير ورفض تميزه واختلافه.
وفي مقابل المعنى الحقوقي، ترى كريستيفا أن الغريب يتمثل في تلك القوة الخفية التي تسكننا جميعا والتي تعبر عن التناقضات والاختلافات الداخلية التي غالبا ما يتم السكوت عنها، لأن هذا الغريب يجعل الحديث عن ال"نحن" إشكالية، يصعب معها الحديث عن تماسك الجماعة. وحينما نعترف أن "الغريب يسكننا على نحو غريب" سنكف على نبذه.
كتخريج عام، يتبين أن مفهوم الغير إشكال فلسفي يحمل في ذاته التعبير عن علاقة بين الذات والغير. ويجعل الذات تحاول أن تنكشف لنفسها، ومن خلال ذلك تحديد طبيعة الغير، وبالتالي طبيعة العلاقة التي يمكن أن تربطها بالغير. وما أحوجنا اليوم إلى إعادة النظر في هذا المفهوم، فنحاول تحديده بالنظر إلى الذات الفردية والجماعية، الأمر الذي يحتم (قبل ذلك وبعده) أن نحدد خصوصية الذات وطبيعتها وهويتها، في وقت أصبحت فيه مفاهيم الذات والغير معومة بشكل يجعلها عرضة لكثير من الخطابات هي أقرب إلى السفسطة منها إلى الحكمة والتعقل.
إذا كان التصور السابق يتمثل العلاقة بين الأنا والغير على أنها علاقة صراع ؛ فإن الفيلسوف الوضعي أوغست كونت A. Comte يرى، أن على الفرد أن يحس بأنه مدين للإنسانية بكل ما يملك من مواهب، وقدرات مادية ومعنوية. فالإنسان يتشكل وينمو ويتكون في ظل الحماية التي يوفرها له الآخرون كما أن خيرات كثيرة وصلته من أناس لن يتمكن أبدا من التعرف عليهم. إن وصول الإنسان إلى الحالة الوضعية التي تمثل حالة نضج العقل البشري، وبالتالي الحالة التي يتم فيها الاحتكام أساسا إلى العلم، تحتاج إذن إلى نوع جديد من القيم الأخلاقية، قيم قابلة للاختزال في الغيرية وذلك غير متاح إلا بتجاوز الأهواء الشخصية والأنانية. هكذا، يتوجب على كل واحد أن يدرك أن عليه أن يحيى من أجل الغير. فالحياة البشرية لن تستمر إلا أدرك أفراد المجتمع ضرورة مساعدة بعضهم البعض، وأن استمرارهم يتعلق بما يفعل بعضهم لبعض.
وفي العصر الراهن، نجد أفكارا تحاول أن تقف ضد أشكال الإقصاء والتهميش، وذلك ما يمكن أن نلمسه عند جوليا كريسيفا J. Kristeva لما توقفت عند المعنى الحقوقي للغريب، واعتبرته معنى سطحيا. إن هذا المعنى يسلب حق المواطنة وحق الانتماء من الدخيل على المجتمع، ويمكن الجماعة أن تنسب إليه جميع الشرور التي تحدث. إن من شأن هذا المعنى أن يدخل بعض السكينة على الأفراد لكنه لا يفضح بما فيه الكفاية طبيعة الجماعة فيظهرها في صورة مجتمع يعمل على إقصاء الغير ورفض تميزه واختلافه.
وفي مقابل المعنى الحقوقي، ترى كريستيفا أن الغريب يتمثل في تلك القوة الخفية التي تسكننا جميعا والتي تعبر عن التناقضات والاختلافات الداخلية التي غالبا ما يتم السكوت عنها، لأن هذا الغريب يجعل الحديث عن ال"نحن" إشكالية، يصعب معها الحديث عن تماسك الجماعة. وحينما نعترف أن "الغريب يسكننا على نحو غريب" سنكف على نبذه.
كتخريج عام، يتبين أن مفهوم الغير إشكال فلسفي يحمل في ذاته التعبير عن علاقة بين الذات والغير. ويجعل الذات تحاول أن تنكشف لنفسها، ومن خلال ذلك تحديد طبيعة الغير، وبالتالي طبيعة العلاقة التي يمكن أن تربطها بالغير. وما أحوجنا اليوم إلى إعادة النظر في هذا المفهوم، فنحاول تحديده بالنظر إلى الذات الفردية والجماعية، الأمر الذي يحتم (قبل ذلك وبعده) أن نحدد خصوصية الذات وطبيعتها وهويتها، في وقت أصبحت فيه مفاهيم الذات والغير معومة بشكل يجعلها عرضة لكثير من الخطابات هي أقرب إلى السفسطة منها إلى الحكمة والتعقل.