من المؤكد أن كثيرا من الأحداث الراهنة ستصبح مستقبلا وقائع تاريخية. وبما أن التاريخ، يعتبر ذاكرة الشعوب والمجتمعات، نجد الناس يحاولون أن يتركوا بصمات حتى يحفظ التاريخ إنجازاتهم أو أسماءهم. كما نستطيع، في المقابل، أن نجدهم يحاولون طمس الآثار السلبية حتى لا تسجل ضدهم.
ونظرا لأهمية التاريخ، فإنه أصبح موضوعا للتأمل الفلسفي والتفكير الإبيستيمولوجي، خصوصا وأن الملاحظة الموضوعية، تبين أن قراءة الأحداث الراهنة تتسم بكثير من المفارقات، والتباين، فكيف سيكون حال الرجوع إلى الأحداث الماضية. هكذا، أصبح التساؤل حول إمكانية التأكيد على دقة، وعلمية، إعادة بناء الوقائع الماضية أمرا قائما. فما هي إذن طبيعة المعرفة التاريخية ؟ وإلى أي حد نستطيع أو نؤكد أن التاريخ سيرورة متدرجة نحو التقدم ؟ وبالتالي ما دور الإنسان في صناعة التاريخ؟
1. المعرفة التاريخية
يؤكد ريمون أرون R. Aron أن المعرفة التاريخية محاولة لإعادة بناء الحياة الماضية من خلال الاستعانة بمخطوطات ووثائق مختلفة. ومن ثم، تكون المعرفة التاريخية مستقلة عن التجارب التي يعيشها الناس في الحاضر.
إن الحاضر يمثل فضاء عاما يمكن الناس من معرفة تلقائية وشائعة حول سلوكياتهم وأفكارهم. إلا أن الأمر يختلف تماما فيما يخص المعرفة التاريخية، لأنه يصعب أن يتمثل الناس كليا الحياة كما كانت في الماضي. وبتعبير أوضح، ستظل المعرفة التاريخية غير قادرة، على جعل المعاصرين يستشعرون فهم الناس الذين عاشوا في الماضي لحياتهم والطريقة التي كانوا يتمثلون بها سلوكياتهم وأفكارهم.
أما بول ريكور P. Ricœur، فيعتقد أن الواقعة التاريخية تشبه الوقائع العلمية الأخرى باعتبارها نتاجا لمنهج علمي يتسم بالموضوعية، فالمؤرخ يستنطق الأثر التاريخي من خلال مجموعة من التساؤلات والفرضيات، ليتحول الماضي إلى واقع أو حدث.
وفي مقابل ما سبق، يؤكد الإبيستيمولوجي المعاصر جيل غاستون غرانجي G.G. Granger أنه لا يجب الخلط بين التاريخ وعلم الاجتماع، وعلم النفس، والاقتصاد، لأن التاريخ ليس واحدا من العلوم الإنسانية...
فقد يتأرجح المؤرخ بين هذه العلوم جميعا دون أن يتبنى أحدا منها، مما يجعل من التاريخ تخصصا متميزا. إن التاريخ، لا يهتم ببلورة نماذج خاصة بالظواهر كما تفعل العلوم، لأنه يسعى إلى بناء الوقائع نفسها التي كانت في الماضي... فالتاريخ – في نظر غرانجي – ليس علما، وإنما هو أحد الفنون المتأرجحة بين الرواية والعلوم الاجتماعية: فمن خلال نزوعه الجمالي يقترب التاريخ من الرواية، ومن خلاله بعده الصوري يقترب من العلوم الاجتماعية. كما يمكن القول بأن التاريخ ليس علما، لأنه ليس معرفة تقنية، أو لأنه تقنية تسعى إلى إعادة بناء الماضي، وذلك ما يحوله إلى أيديولوجيا رغم بعض المساعي التي تحاول أن تنزع به نحو الموضوعية.
ونظرا لأهمية التاريخ، فإنه أصبح موضوعا للتأمل الفلسفي والتفكير الإبيستيمولوجي، خصوصا وأن الملاحظة الموضوعية، تبين أن قراءة الأحداث الراهنة تتسم بكثير من المفارقات، والتباين، فكيف سيكون حال الرجوع إلى الأحداث الماضية. هكذا، أصبح التساؤل حول إمكانية التأكيد على دقة، وعلمية، إعادة بناء الوقائع الماضية أمرا قائما. فما هي إذن طبيعة المعرفة التاريخية ؟ وإلى أي حد نستطيع أو نؤكد أن التاريخ سيرورة متدرجة نحو التقدم ؟ وبالتالي ما دور الإنسان في صناعة التاريخ؟
1. المعرفة التاريخية
يؤكد ريمون أرون R. Aron أن المعرفة التاريخية محاولة لإعادة بناء الحياة الماضية من خلال الاستعانة بمخطوطات ووثائق مختلفة. ومن ثم، تكون المعرفة التاريخية مستقلة عن التجارب التي يعيشها الناس في الحاضر.
إن الحاضر يمثل فضاء عاما يمكن الناس من معرفة تلقائية وشائعة حول سلوكياتهم وأفكارهم. إلا أن الأمر يختلف تماما فيما يخص المعرفة التاريخية، لأنه يصعب أن يتمثل الناس كليا الحياة كما كانت في الماضي. وبتعبير أوضح، ستظل المعرفة التاريخية غير قادرة، على جعل المعاصرين يستشعرون فهم الناس الذين عاشوا في الماضي لحياتهم والطريقة التي كانوا يتمثلون بها سلوكياتهم وأفكارهم.
أما بول ريكور P. Ricœur، فيعتقد أن الواقعة التاريخية تشبه الوقائع العلمية الأخرى باعتبارها نتاجا لمنهج علمي يتسم بالموضوعية، فالمؤرخ يستنطق الأثر التاريخي من خلال مجموعة من التساؤلات والفرضيات، ليتحول الماضي إلى واقع أو حدث.
وفي مقابل ما سبق، يؤكد الإبيستيمولوجي المعاصر جيل غاستون غرانجي G.G. Granger أنه لا يجب الخلط بين التاريخ وعلم الاجتماع، وعلم النفس، والاقتصاد، لأن التاريخ ليس واحدا من العلوم الإنسانية...
فقد يتأرجح المؤرخ بين هذه العلوم جميعا دون أن يتبنى أحدا منها، مما يجعل من التاريخ تخصصا متميزا. إن التاريخ، لا يهتم ببلورة نماذج خاصة بالظواهر كما تفعل العلوم، لأنه يسعى إلى بناء الوقائع نفسها التي كانت في الماضي... فالتاريخ – في نظر غرانجي – ليس علما، وإنما هو أحد الفنون المتأرجحة بين الرواية والعلوم الاجتماعية: فمن خلال نزوعه الجمالي يقترب التاريخ من الرواية، ومن خلاله بعده الصوري يقترب من العلوم الاجتماعية. كما يمكن القول بأن التاريخ ليس علما، لأنه ليس معرفة تقنية، أو لأنه تقنية تسعى إلى إعادة بناء الماضي، وذلك ما يحوله إلى أيديولوجيا رغم بعض المساعي التي تحاول أن تنزع به نحو الموضوعية.