يعتبر ديكارت من أبرز الفلاسفة المحدثين، الذين أكدوا أن للحقيقة معايير دقيقة، نستطيع بواسطتها أن نتعرف عن المعرفة اليقينية ونميزها، خصوصا وأن هذا الفيلسوف لاحظ، أن ذهن الإنسان يحشى منذ الطفولة، بمعارف كثيرة قد يكون بعضها مشكوك في مصداقيته. كما حرص ديكارت على التأكيد، بأن العقل يعتبر الأداة المطلقة في المعرفة لأن الحواس تخدع. والعقل يصل إلى الحقيقة تارة بالحدس وتارة أخرى بالاستنباط. أما الحقيقة التي تدرك بالحدس، فمعيارها البساطة والوضوح والتميز، وتلك هي خاصية البديهيات العقلية، التي يستطيع العقل اتخاذها كأوليات لبناء واستنباط معرفة لاحقة: فالعقل يتدرج، أثناء بناء الحقيقة الاستنباطية، من البديهيات بطريقة برهانية ومن خلال حلقات حجاجية إلى أن يصل إلى حقائق جديدة. وما يميز هذه الحقائق عن البديهيات كونها تستمد صدقها مما قبلها.
إذا كان ديكارت يرى أن العقل يمثل أعدل قسمة بين الناس، فإنه يؤكد، في المقابل، أن الاختلاف المعرفي بين الناس يرجع إلى سوء استخدامه (العقل).. وعلى هذا الأساس، سعى الفيلسوف إلى وضع قواعد للتفكير السليم حصرها في أربعة:
أ. قاعدة البداهة: وهي قاعدة تحتم ألا يقبل العقل إلا ما هو بديهي وواضح بذاته ومتميز ولا يحتمل الشك..
ب. قاعدة التحليل: وتتمثل في تفكيك القضايا، التي لا تتوفر فيها المواصفات السابقة، إلى أبسط ما يمكن من الأجزاء..
ت. قاعدة الترتيب: وتحتم القيام بدراسة مكونات القضايا التي تم تفكيكها بدءا بالأجزاء البسيطة فالمعقدة (أو المركبة)..
ث. قاعدة المراجعة: وتتمثل في مراجعة الخطوات السابقة للتيقن من عدم إغفال أي شيء ودرءا للخطإ..
إذا كان ديكارت من الفلاسفة الذين يجزمون، على إمكانية إخضاع الحقيقة إلى معايير عقلية مضبوطة؛ فإن كانط ليس بإمكانه ذلك، حيث ينطلق الفيلسوف من السؤال التالي : هل يوجد معيار كوني للحقيقة ؟ ليبين أنه إذا تعلق الأمر بمعيار صوري للحقيقة، فمن الممكن أن نؤكد وجود معيار كوني للحقيقة. لأنه، في هذه الحالة، ستتمثل الحقيقة في مطابقة الفكر للفكر، وبالتالي في التماسك المنطقي بين المقدمات والنتائج، ومن ثم سيكون معيار الحقيقة كامن في ذاتها.
لكن، إذا تعلق الأمر بإيجاد معيار كوني مادي للحقيقة، سيكون من المستحيل إيجاد هذا المعيار. لأن الإقرار بوجوده سيقود إلى إلغاء الاختلاف بين الأشياء والموضوعات وذلك أمر مستحيل. بل إن الأمر سيزداد تعقيدا إذا علمنا بأننا لا نعرف من الأشياء إلا كيفية إدركنا لها. أو بتعبير أوضح، إن كانط يؤكد أن الإنسان لا يعرف من الأشياء إلا ظواهرها بحيث يجهل النومينات (أو الأشياء في ذاتها).
إن المقارنة بين ديكارت وكانط هي مقارنة بين فيلسوفين يقر أولهما بوجود حقيقة ثابتة ومطلقة، وبالتالي وجود معايير مضبوطة، بينما يجزم الثاني على أن وجود معيار للحقيقة لا يستقيم إلا بالنسبة للحقيقة العقلية الصورية.. إن مثل هذا التقابل الفكري لا يمنع من التساؤل حول قيمة الحقيقة، خصوصا وأن هناك من يحاول تعريف الفلسفة باعتبارها بحثا دائما عن الحقيقة.
إذا كان ديكارت يرى أن العقل يمثل أعدل قسمة بين الناس، فإنه يؤكد، في المقابل، أن الاختلاف المعرفي بين الناس يرجع إلى سوء استخدامه (العقل).. وعلى هذا الأساس، سعى الفيلسوف إلى وضع قواعد للتفكير السليم حصرها في أربعة:
أ. قاعدة البداهة: وهي قاعدة تحتم ألا يقبل العقل إلا ما هو بديهي وواضح بذاته ومتميز ولا يحتمل الشك..
ب. قاعدة التحليل: وتتمثل في تفكيك القضايا، التي لا تتوفر فيها المواصفات السابقة، إلى أبسط ما يمكن من الأجزاء..
ت. قاعدة الترتيب: وتحتم القيام بدراسة مكونات القضايا التي تم تفكيكها بدءا بالأجزاء البسيطة فالمعقدة (أو المركبة)..
ث. قاعدة المراجعة: وتتمثل في مراجعة الخطوات السابقة للتيقن من عدم إغفال أي شيء ودرءا للخطإ..
إذا كان ديكارت من الفلاسفة الذين يجزمون، على إمكانية إخضاع الحقيقة إلى معايير عقلية مضبوطة؛ فإن كانط ليس بإمكانه ذلك، حيث ينطلق الفيلسوف من السؤال التالي : هل يوجد معيار كوني للحقيقة ؟ ليبين أنه إذا تعلق الأمر بمعيار صوري للحقيقة، فمن الممكن أن نؤكد وجود معيار كوني للحقيقة. لأنه، في هذه الحالة، ستتمثل الحقيقة في مطابقة الفكر للفكر، وبالتالي في التماسك المنطقي بين المقدمات والنتائج، ومن ثم سيكون معيار الحقيقة كامن في ذاتها.
لكن، إذا تعلق الأمر بإيجاد معيار كوني مادي للحقيقة، سيكون من المستحيل إيجاد هذا المعيار. لأن الإقرار بوجوده سيقود إلى إلغاء الاختلاف بين الأشياء والموضوعات وذلك أمر مستحيل. بل إن الأمر سيزداد تعقيدا إذا علمنا بأننا لا نعرف من الأشياء إلا كيفية إدركنا لها. أو بتعبير أوضح، إن كانط يؤكد أن الإنسان لا يعرف من الأشياء إلا ظواهرها بحيث يجهل النومينات (أو الأشياء في ذاتها).
إن المقارنة بين ديكارت وكانط هي مقارنة بين فيلسوفين يقر أولهما بوجود حقيقة ثابتة ومطلقة، وبالتالي وجود معايير مضبوطة، بينما يجزم الثاني على أن وجود معيار للحقيقة لا يستقيم إلا بالنسبة للحقيقة العقلية الصورية.. إن مثل هذا التقابل الفكري لا يمنع من التساؤل حول قيمة الحقيقة، خصوصا وأن هناك من يحاول تعريف الفلسفة باعتبارها بحثا دائما عن الحقيقة.